صلينا للرحمن… هذا كل ما فعلناه

ما الذي فعلناه؟ 
أسألكن وأسالكم ووالله اني حائرة. 
كل هذا الغضب. كل هذه الشتائم. كل هذه التهديدات. وكل هذه الالفاظ الجارحة؟
ما الذي فعلناه؟ 
أسألكما؟ 
ووالله اني أسألكما وانا احبكما.  
احبكما حتى وأنتما تلعناني. 
لأني ادري أن ردة فعلكما ينبع منها الخوف على ديننا. 
تعتقدان أننا نريد أن نؤذي ديننا. 
وهو ديننا، ديننا كما هو دينكما. 
ولذا اسألكما أن تستمعا إلي. 
دون خوف. 
دون تشكيك في نيتي. 
فالحب دافعي. 
الحب لكما والحب لديننا. 


صلينا لله عز وجل. 
سجدنا للرحمن. 
وكنا خاشعات وخاشعين.  
وكنا مؤمنين ومؤمنات. 

هذا كل ما فعلناه. 

وإستمعنا إلى صوت موسيقى عود روحانية. 
عزفها موسيقار ليس جزء من المبادرة. هذا مهم أن تعرفوه كي لا يتعرض إلى أي اذى لمجرد وجوده في تلك القاعة.

موسيقى عود.
موسيقى روحانية. 
فيها شجن، فيها توق إلى الرحمن.  
جعلتنا نحلق مع الرحمن في المحبة. 
محبته. 

هذا كل ما فعلناه. 

صلينا معا. 
إنسان مع إنسان. 
أمام الرحمن. 
رب المساواة. 
رب المحبة. 

وامتنا إمراة. 
إنسان. 
إنسان لا عورة. 

وفعلنا ذلك في قاعة في بيت الأديان.
فعلنا ذلك في قاعة في بيت الأديان للحوار بين الثقافات. 

وإلى أن نبني مسجدنا سنصلي في تلك القاعة. 

وفعلنا ذلك ضمن إطار مبادرة مسجد للجميع. 
مبادرة بدأت تتسع وتنتشر لأن جوهرها إنساني. 
لأن كل ما نطالب به أن نصلي داخل المسجد مع الرجال أمام الرحمن. كل ما نطالب به ان تجد المرأة حيزها في المسجد في نفس المكان الذي يصلي فيه الرجل. 

كنا نفعل ذلك في السبعينات في إندونيسا وماليزيا ومالي وسويسرا. 
كنا نصلي معا.
لكن موجه التطرف الديني التي هبت علينا من وسط نجد قضت على ممارساتنا الدينية ودور الموسيقى فيها. 
تطرف يقول لنا إن المرأة ليست إنسان. بل عورة. بضاعة متعة. يصح الزواج بها وهي في التاسعة. 
تطرف يقول لنا إن الموسيقي، إرثنا الحضاري، العود، والروحانية التي فيه، هي رجس من عمل الشيطان. 
تطرف يقول لنا أن نكره. أن نقصي. أن لانقبل بالتعددية في الإيمان. 
تطرف جعل من رؤية الفقهاء التي تعود إلى زمنٍ غير زماننا، جعلها أصنام نعبدها بدلا من الرحمن. 

رؤية الفقهاء تحولت إلى صنم. وأنا لااعبد الاصنام. 
رؤية الفقهاء تحولت إلى صنم. وأنا اعبد الرحمن. 

اعبد الرحمن. 
أصلي له. 
وانا خاشعة. 

نحن لا نريد أن نقُصي. 
ونحترم كل الطرق المؤدية إلى الرحمن. 
ونحترم المساجد الموجودة في مجتمعاتنا. 
كل ما نطالب به، أن تقبلوا ان لنا أيضاً حق في المسجد الذي نسعى إلى بنائه. 
أن نكون ايضاً جزء من الحيز العام داخل المسجد. 

المسجد الذي لانرى فيه إمرأة هو مرآة لمجتمع يتحكم فيه الرجل. يُقصي فيه المرأة. 
ونحن نبحث عن مسجد يحترم إنسانيتنا. 
ولأن التغيير لايحدث من تلقاء نفسه، كان من الضروري أن نطالب به، كي نحيله واقعاً. 

ما الذي فعلناه حتى تخرجوننا من ملة الرحمن؟ 
صلينا لله عز وجل. 
سجدنا للرحمن. 
وكنا خاشعات وخاشعين.  
وكنا مؤمنين ومؤمنات. 

هذا كل ما فعلناه. 

خطبة الجمعة لصلاة مشتركة، القتها إلهام مانع: مبادرة المسجد الشامل ـ مسجد للجميع

خطبة الجمعة لصلاة مشتركة، القتها إلهام مانع
(مبادرة المسجد الشامل ـ مسجد للجميع)
27 مايو 2016، بيرن، بيت الأديان
الصلاة تمت بإمامة إمراة، الإمامة حليمة جوساي حسين
بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمدلله والصلاة والسلام على الرسول الكريم، محمد الأمين. ورسالة محبة إلى كل أنبياء ورسل الرحمن، وكل الطرق المؤدية إلى الرحمن الرحيم. 
، أديـنُ بدينِ الحــــبِ أنّى توجّـهـتْ ركـائـبهُ ... فالحبُّ ديـني وإيـمَاني ”، إبن عربي
ـــــــ
سأبدأ بقصة سيدة سويسرية، إسمها فريده هيرشي. 
عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها تعلمت مهنة الخياطة. مهنة جيدة، محترمة، ومناسبة حينها لفتاة في عمرها. 
في تلك الفترة، كان المتوقع من النساء، سواء ان كن في الكنيسة أو في أية إجتماعات عامة، كان من المتوقع منهن الصمت! 
كان عليهن أن يخضعن لنظام من تسلسل هرمي.
لو قالت السيدة هيرشي لمجتمعها في تلك الفترة أنها يوماً ما، ستأخذ إجازة في اللاهوت وتصبح قسيسة، أنها ستدير كنيسة في مدينتها، كان رد مجتمعها عليها سيكون: "أنتي تحلمين بالقمر، والنساء لا يطرن إلى القمر". 
حسناً! 
القسيسة فريده هيرشي جرؤت على أن تحلم، واليوم هي تجلس بيننا في هذا التجمع. أشكرك على قبولك دعوتي. 
وهي قسيسة وتدير كنيسة. 
إمرأة تدير كنيسة. 
لقد طارت بالفعل إلى القمر! 
-------
بنفس النسق. يقولون لنا اليوم أن إمامة المرأة لصلاة مشتركة لا تجوز.
المرأة لاتصلح للقيادة. 
يقولون لنا" إن الفقهاء"، وكلهم ذكور، "اجمعوا على أن المرأة لايجوز لها أن تقود صلاة برجال، فما بالك بصلاة الجمعة". "هناك إجماع"، يقولون لنا. ويؤسسون إجماعهم على حديث يُنسب للرسول الكريم. 
"لن يفلح قومٌ ولو أمرهم إمرأة". 
حديث ضعيف. أي أن هناك شك كبير في أن الرسول الكريم قد تفوه بهذه الكلمات. لكن الأحاديث الضعيفة لاتتحول بقدرة قادر إلى حق مبين إلا عندما تتعلق بالمرأة. 
كذلك يقولون لنا إن "الان وقت غير مناسب لإثارة مثل هذه القضايا التافهة". 
"هناك قضايا أكثر خطورة وجدية وإلحاح يتوجب علينا أولا التعامل معها". 
ولذا "فلاداعي لإثارة قضايا تؤدي إلى إختلاف. نحن في حاجة إلى أن نقف صفاً واحداً".
ـــــــ
أفهم أن التغيير صعب. إذا اعتدتَ على القيام بشيء بنفس الطريقة على مدى قرون، بالطبع سيكون من الصعب تغيير هذه الطريقة. 
أفهم أيضا أن التغيير يخيفنا. من لن يخاف؟
التغيير ينتزعنا من الدوائرة المريحة للتفكير ويتحدى كل أفتراضاتنا. ويجعلنا نشعر بالهشاسة والضعف. 
التغيير يزلزل إحساسنا بالإمان والنظام.
والله أني افهم هذا جيداً. 
لكني تعبت. تعبت من الإنتظار، من الأمل أننا يوما ما سنتغير. 
تعبت. 
وأدركت أن التغيير لن يحدث إلا إذا طالبنا به.
لن يتحقق التغيير من نفسه.
علينا أن نطالب به. 
ــــــ
(فاصل موسيقى عود أداه الموسيقار المصري نهاد السيد)
ـــــ
لقد حان الوقت لتحدي إفتراضاتنا عن موقع المرأة في بيت الرحمن وفي المجتمع. 
المكان الذي ُيطلب من المرأة أن تصلي فيه، وكيفية صلاتها ومتى، يعكس وضعها ومكانتها المجتمعية. 
فبيت الله الذي لانرى فيه إلا رجالاً هو مرآة لمجتمع ذكوري هرمي، يسيطر الرجال فيه على الحيز العام. 
المسألة بهذه البساطة. 
ولذا، فإن المرأة التي تطالب بالصلاة في نفس الحيز الذي يصلي فيه الرجل، لاتطالب بشيء تافه. في الواقع، هي تطالب بتغيير ذلك النظام الاجتماعي وموقعها فيه. 
ومن المفارقات، انه في السبعينات من القرن الماضي، هنا في برن، كان الرجال والنساء يصلون ويصلين معهاً في المسجد الوحيد الذي كان متاحاً حينها. لكن التصحر النجدي هب على المسجد ومعه أموال من الخليج، وتفسير وهابي متطرف، تحكم في المسجد…. وبالتدريج تغير المسجد… حتى جاء اليوم الذي ُشيد فيه جدار فصل الرجال عن النساء. 
كنا نصلي معا. الآن يقال لنا أنه من المستحيل فعل ذلك. 
------
وقت التغيير الان. 
ليس غداً. ليس بعد شهر، ولا بعد عام.
الان. 
وقت التغيير هو اليوم. 
ندعو إليه في إحترام. ونطالب به في دعوة ورسالة محبة. 
رسالة محبة لديننا ومجتمعنا، ورسالة حب ايضا للمبدأ العالمي للمساوة. 
لاني عندما أصلي، أصلي كإنسان. لا كأنثى. اقف إلى جانب إنسان، لا ذكر، ونصلي معاً متساويين أمام الله ـ رب بدون جنس، رب المساواة. 
نحن ايضا، ايها الأعزاء والعزيزات، نطير إلى القمر. 
-------
دعونا نصلي وندعو لكل البشر الذين يعانون على أرض البسيطة. لكل البشرية. 
نصلي أن يعم وينتصر السلام والخير.
لأن الله هو رحمة والله هو العدل. 
"ربنا نجنا من النقاق والشفقة على الذات.إأجعلنا متأكدين من الخير الذي لانراه، والخير المخفي في العالم. إفتح أعيننا على الجمال في كل ما حولنا وقلوبنا على المحبة التي في البشر، يخفونها لأننا لانحاول أن نفهمهم. أنقذنا من أنفسنا، وأظهر لنا رؤية لعالم جديد". 
إلهام مانع

Follow Elham Manea on Facebook

Last Tweets

Read more

No More Blank Checks: Saudi Arabia Clamps Down on Regional Aid - The New York Times nytimes.com/2023/04/02/wor…

Read more

Elham Manea
Bern- بيرن

Read more